الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من إباحة الأكل ، جاز أن يأكل ما يقتاته وما يتأدم به ، ويتفكه من ذلك ، ولا يقتصد على الأقوات وحدها باتفاق من أصحابنا ، وهو حجة أبي علي بن أبي هريرة في اعتبار الحاجة ، ويجوز أن يدخر منه إذا اتسع قدر ما يقتاته مدة مقامه ، فإن ضاق كان أسوة غيره فيه ، ويجوز أن يذبح المواشي ليأكلها ، ولا يذبحها لغير الأكل ، روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذبح البهائم إلا لمأكله .

ولا يجوز أن يتخذ جلودها حذاء ولا سقاء لاختصاص الإباحة بالأكل ، فأشبه طعام الولائم ، ولا يجوز أن يعدل عن المأكولة والمشروب إلى ملبوس ومركوب ، فأما الأدوية فضربان : طلاء ومأكول .

[ ص: 168 ] فأما الطلاء من الدهن والضماد فمحسوب عليه إن استعمله ، وأما المأكول ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه ممنوع منه إلا بقيمة محسوبة عليه من سهمه لخروجها عن معهود المأكول .

والوجه الثاني : أنها مباحة له وغير محسوبة عليه ؛ لأن ضرورته إليها أدعى ، فكانت الإباحة أولى .

والوجه الثالث : أنها إن كانت لا تؤكل إلا تداويا ، حسبت عليه من سهمه ، وإن أكلت لدواء غير دواء لم تحسب عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية