الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وما افتتح من أرض موات فهي لمن أحياها من المسلمين " .

قال الماوردي : فتح بلاد المشركين ضربان : عنوة ، وصلح .

فأما بلاد العنوة فضربان : عامر ، وموات .

فأما العامر فملك للغانمين لا يشركهم فيه غيرهم ، وأما الموات فضربان :

أحدهما : أن يذبوا عنه ، ويمنعوا منه فيكون كالذب في حكم العامر يختص به الغانمون دون غيرهم : لأن الذب عنه كالتحجير عليه ، والمتحجر على الموات أحق به من غيره ، كذلك حكم هذا الموات .

والضرب الثاني : أن لا يذبوا عنه فيكون في حكم موات بلاد المسلمين ، من أحياه منهم ملكه ولا يختص بالغانمين .

وأما بلاد الصلح فضربان :

أحدهما : أن يصالحهم على الأرضين لنا ، ويقرها معهم بخراج يؤدونه إلينا ، فيكون مواتها كمواتنا يملكه من أحياه من المسلمين : لاستوائهم فيه ، وتصير الأرض بهذا الصلح دار الإسلام ، ولا يملكون ما أحيوه من هذا الموات ، كما لا يملكوه أهل الذمة إذا أحيوه من دار الإسلام .

والضرب الثاني : أن يصالحهم على أن الأرض لهم ، ويقرون عليها بخراج يؤدونه عنها ، فتكون الأرض باقية على ملكهم ، ولا تصير بهذا الصلح دار إسلام ، ويكون مواتها كموات دار الحرب ، إن أحيوه ملكوه ، وإن أحياه المسلمون لم يملكوه : لأن اليد مرتفعة عن دارهم ، والصلح إنما أوجب الكف عنهم وأخذ الخراج منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية