الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما زوجة الحربي إذا أسلم فلا يمنع إسلامه من استرقاقها : لأنه لما لم يتعد إسلامه إليها لم يعصمها إسلامه من استرقاقها ، فإن كانت حاملا ، ففي جواز استرقاقها قبل وضعها وجهان :

أحدهما : لا يجوز : لأن حملها مسلم ، فلزم حفظ حرمته فيها حتى يفارقها .

والوجه الثاني : يجوز أن يسترق ، لامتياز حكميهما ، فإن لم تسب كان النكاح باقيا ، وإن سبيت بطل نكاحها بالسبي ، كما لو كان زوجها حربيا : لأنها لما ساوت زوجة الحربي في الاسترقاق ساوتها في بطلان النكاح ، ولكن لو دخل المسلم دار الحرب ، فتزوج فيها حربية ، ففي جواز سبيها واسترقاقها وجهان :

[ ص: 222 ] أحدهما : يجوز أن تسبى وتسترق ، ولا يعصمها إسلام الزوج منه ، كما لو أسلم بعد كفره .

والوجه الثاني : أنه لا يجوز سبيها ولا استرقاقها ، اعتصاما بإسلام الزوج : لأن عقد هذا في الإسلام فكان أقوى ، وعقد ذلك في الشرك فكان أضعف .

ولو استأجر المسلم أرضا من دار الحرب ثم غنمت كان ملك المسلم في منافعها باقيا ، وإن غنمت بخلاف نكاح الزوجة في أحد الوجهين ، لوقوع الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن المنافع تضمن باليد ، والاستمتاع لا يضمن باليد .

والثاني : أن ملك المنافع والرقبة يجوز أن يفترقا ، وملك الاستمتاع والنكاح لا يجوز أن يفترقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية