الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الضرب الثاني : وهو من ادعى كتابا غير مشهور ، ودينا غير معروف كالزبر الأولى ، والصحف المتقدمة .

فإن قيل : إنه لا يجري عليهم حكم أهل الكتاب ، لم يقروا على دينهم وإن تحققنا كتابهم .

وإن قيل : إنهم يقرون على دينهم وتحفظ حرمة كتابهم ، فلا يخلو حالهم من ثلاثة أقسام :

أحدهما : أن يتحقق صدقهم ، يعرف كتابهم ، فيكونوا كاليهود والنصارى في إقرارهم بالجزية ، واستباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم .

والقسم الثاني : أن يتحق كذب قولهم ، وأن لا كتاب لهم ، فيكونوا كعبدة الأوثان في استباحة دمائهم ، وحظر مناكحهم .

والقسم الثالث : أن يحتمل ما قالوه الصدق والكذب ، وليس على أحدهما دليل يقطع به ، فلا يقبل فيهم قول كفارهم .

فإن أسلم منهم عدد يكون خبرهم مستفيضا حكم بقولهم في ثبوت كتابهم وإقرارهم بالجزية على دينهم ، واستباحة مناكحهم .

وإن لم يسلم منهم من يكون خبره مستفيضا متواترا ، ولم يعلم قولهم إلا منهم في حال كفرهم ، فيقرون بالجزية : لأنها مال بذلوه لا يحرم علينا أخذه ، وأصل الدماء على الحظر ، فلا يحل لنا قتلهم .

[ ص: 291 ] فأما استباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم ، فلا يقبل قولهم فيها : لأنها على أصل الحظر ، فلا تستباح بقول من لا يوثق بصدقه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية