الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما العبيد ، فلا جزية عليهم ، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا جزية على العبيد .

وقال عمر : لا جزية على مملوك .

ولأنهم تبع لساداتهم ، ولأنهم لا يملكون ، فكانوا أسوأ حالا من الفقراء ، ولأنهم مماليك ، فكانوا كسائر الأموال ، وكذا لا جزية على مدبر ، ولا مكاتب ، ولا أم ولد : لأنهم عبيد ، ولا جزية على من بعضه حر وبعضه مملوك : لأن أحكام الرق عليه أغلب .

وقيل : إنه يؤدي من الجزية بقدر ما فيه من الحرية : لأنه يملك بها ، فإذا عتق [ ص: 309 ] العبد على كفره ، وكان من أهل الكتاب استؤنفت جزيته ، وسواء أعتقه مسلم أو كافر .

وقال مالك : إن أعتقه مسلم ، فلا جزية عليه ، لحرمة ولائه ، وهذا خطأ : لأن حرمة النسب أغلظ ، ولا تسقط الجزية بإسلام الأب ، فكان أولى أن لا تسقط بإسلام المعتق ، لكن إن كان المعتق مسلما استؤنفت جزيته عن مراضاة ، وإن كان معتقه ذميا ، ففيها ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه يلزمه جزية معتقه : لأنها لزمته بعتقه .

والوجه الثاني : يلزمه جزية عصبته : لأنهم أخص بميراثه ونصرته .

والوجه الثالث : أنه لا يلزمه إلا ما استأنف الصلح عليه بمراضاته ، ليفرده بها من غيره ، فإن امتنع منها نبذ إليه عهده ثم صار حرا ، وعلى الوجهين الأولين تؤخذ منه جبرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية