الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الصبيان ، فلا جزية عليهم لارتفاع القلم عنهم ، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ : خذ من كل حالم دينارا ، فدل على سقوطها عن غير الحالم ، ولأنهم من غير أهل القتال ، ولأنهم يسترقون إذا سبوا ، فصاروا أموالا ، فإذا بلغوا وجبت عليهم الجزية .

والظاهر من مذهب الشافعي أنهم يلتزمون جزية آبائهم من غير استئناف عقد معهم : لأنهم خلف لسلفهم .

وقال أبو حامد الإسفراييني : لا تلزمهم جزية آبائهم ، ويستأنف معهم عقدها عن مراضاتهم ، إما بمثلها أو بأكثر أو أقل إذا لم ينقص عن الدينار ، وهذا وهم فيه يفسد من وجهين : مذهب ، وحجاج .

أما المذهب : فإن الشافعي قد جعل جزية الولد إذا اختلفت جزية أبويه أن جزيته جزية أبيه دون أمه .

وأما الحجاج : فمن وجهين :

أحدهما : أنهم لما كانوا تبعا لآبائهم في أمان الذمة كانوا تبعا لهم في قدر الجزية .

والثاني : أن عقد الذمة مؤبد ، وهذا يجعله مؤقتا يلزم استئنافه مع بلوغ كل ولد ، وفيه أعظم مشقة ، وما فعله أحد من الأئمة .

فأما البلوغ : فيكون بالاحتلام ، وباستكمال خمس عشرة سنة ، ويحكم ببلوغه بإنبات الشعر : لأن سعد بن معاذ حكم في بني قريظة أن من جرت عليه المواسي قتل ، ومن لم تجر عليه استرق .

[ ص: 310 ] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا حكم الله من فوق سبعة أرقعة
.

وهل يكون ذلك بلوغا فيهم كالسن والاحتلام ، أو يكون دليلا على بلوغهم ، فيه قولان مضيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية