الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - تعالى : " ولو أصاب ظبيا مقرطا فهو لغيره " .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان على الصيد أثر ملك أو يد آدمي من قرط أو ميسم أو خضاب أو قلادة لم يملكه صائده : لخروجه عن صفة الخلقة إلى آثار الملك ، فخرج به عن حكم الإباحة إلى حكم الحظر ، وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بظبي واقف فيه أثر فهم به أصحابه فمنعهم وقال : حتى يجيء صاحبه وإذا لم يملكه لم يخل حاله بعد صيده من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكون قد صار في يده حيا ، فهو في حكم اللقطة ، من ضوال الحيوان يعرفها ولا يضمها ، فإن أرسل الصيد من غير تعريف ضمنه لمالكه .

والحال الثانية : أن يكون ثابتا في شبكته أو شركه ، فلا يلزمه تعريفه : لأنه لم يثبت له عليه يد ، وإن حل الشبكة عنه ، فاسترسل وامتنع لم يضمه : لأنه وإن جرى على ما في الشبكة حكم يده من ملك الصيد لم يجر عليها حكم يده من الضمان والتعريف : لأنه لم يضعها لهذا الحكم ، وإنما وضعها لثبوت الملك .

[ ص: 57 ] والحال الثالثة : أن يموت هذا الصيد باصطياده فلا يخلو حال ما مات به من ثلاثة أضرب :

أحدها : أن يموت في شبكة قد وضعها فلا يضمنه : لأن وضع الشبكة مباح ، فلم يضمن ما تلف بها .

والضرب الثاني : أن يموت بسهم رماه ، فيكون ضامنا له : لأنه تلف بفعله ، وإن كان مغرورا به : لأن الضمان لا يسقط إلا بالأعذار .

والضرب الثالث : أن يموت بإرسال الكلب عليه ففي ضمانه وجهان :

أحدهما : يضمنه كما يضمنونه بسهمه .

والوجه الثاني : لا يضمنه : لأن قتل الكلب منسوب إلى اختياره ، وقتل السهم منسوب إلى راميه .

التالي السابق


الخدمات العلمية