الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 84 ] التضحية بمعيبة القرن

مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " وليس في القرن نقص ، فيضحى بالجلحاء والمكسورة القرن أكبر منها دمي قرنها ، أو لم يدم ، ولا تجزئ الجرباء : لأنه مرض يفسد لحمها " .

قال الماوردي : وهذا كما قال فقد القرن في البقر والغنم لا يمنع من جواز الضحايا خلقة وبحادث ، فتجوز الأضحية بالجلحاء وهي الجماء التي خلقت لا قرن لها ، وبالعضباء وهي المكسورة القرن سواء دمي موضع قرنها بالكسر أو لم يدم .

وقال إبراهيم النخعي : فقد القرن مانع من جواز الأضحية خلقة وكسرا ، فلا يجوز أن يضحي بجلحاء ولا عضباء .

وقال مالك : تجوز الأضحية بالجلحاء ، ولا تجوز بالعضباء إذا دمي موضع قرنها ، واستدل النخعي بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الأضحية بالعضباء .

ودليلنا : ما قدمناه من معنى المنع ، وهو ما أفقد عضوا مأكولا ، أو فسد لحما مقصودا ، وليس في فقد القرن واحد من هذين الأمرين ، فلم يمنع فكان النهي محمولا على الكراهة دون التحريم ، كما روي أنه نهى عن الأضحية بالعقصاء وهي الملتوية القرن ، وهو محمول على الاختيار دون الإجزاء ، وإن كانت الأضحية بالقرناء أفضل ، على أن الشافعي قد روى عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بعضباء الأذن .

وحكي عن سعيد بن المسيب : أن العضباء إذا قطع منها النصف فما فوقه ، فصار المراد به نصا قطع الأذن دون القرن ومن أعجب ما يقوله مالك : أنه يمنع من الأضحية بالمكسورة القرن ويجوز الأضحية بالمقطوعة الأذن ، والقرن غير مأكول والأذن مأكولة .

التالي السابق


الخدمات العلمية