الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : ويستصبح به ، فإن قيل : كيف ينتفع به ولا يبيعه ؟ قيل : قد ينتفع المضطر بالميتة ولا يبيعها وينتفع بالطعام في دار الحرب ولا يبيعه في تلك الحال ، قال : وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب وأباح الانتفاع به في بعض الأحوال ، فغير مستنكر أن ينتفع الرجل بالزيت ، ولا يبيعه في هذه الحال

قال الماوردي : وهذا صحيح ، والانتفاع بما نجس من السمن والزيت في الاستصباح ، جائز على ما سنصفه .

وقال ابن جرير الطبري وطائفة من أصحاب الحديث : الانتفاع به حرام في استصباح وغيره : احتجاجا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإراقته .

والدليل على ما ذهبنا إليه ، وهو قول الجمهور رواية الزهري عن سالم عن أبيه ، [ ص: 161 ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الفأرة تقع في السمن والودك ، فقال : إن كان جامدا فاطرحوها وما حولها ، وإن كان مائعا فانتفعوا به ، ولا تأكلوه .

وروى أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الفأرة تقع في السمن والزيت ، فقال : استصبحوا به ولا تأكلوه .

وهذان الحديثان نص في إباحة الانتفاع والاستصباح : ولأنه لما أمر بإراقته مع بقاء عينه ، كان الاستصباح به أولى ، لأنه استهلاك لعينه ، مع الانتفاع به .

التالي السابق


الخدمات العلمية