فصل : وإذا استقرت بينهما مع المحلل في الجري ، فيختار أن يكون في الموضع الذي ينتهي إليه السبق ، وهو غاية المدى قصب قد غرزت في الأرض تسميها العرب  
قصب السبق  ، ليحوزها السابق منهم ، فيقلعها حتى يعلم بسبقه الداني والقاصي ، فيسقط به الاختلاف ، وربما كر بها راجعا يستقبل بها المسبوقين إذا كان مفضلا في السبق متباهيا في الفروسية ، وإذا كان كذلك فللمتسابقين والمحلل سبعة أحوال :  
إحداها : أن ينتهوا إلى الغاية على سواء لا يتقدمهم أحدهم : فليس فيهم سابق ولا مسبوق ، فيحوز كل واحد من المتسابقين سبق نفسه ، ولا يعطي ولا يأخذ ، ولا شيء للمحلل لأنه لم يسبق .  
والحالة الثانية : أن يسبق المخرجان ، فيصلا معا على سواء ، ويتأخر المحلل عنهما ، فيحوز كل واحد من المخرجين سبق نفسه لاستوائهما في السبق ولا شيء للمحلل ، لأنه مسبوق .  
والحالة الثالثة : أن يسبق المحلل ، ويأتي المخرجان به بعده على سواء أو تفاضل ، فيستحق المحلل سبقي المخرجين لسبقه لهما .  
وهذه الأحوال الثلاث ليس يختلف فيها المذهب .  
والحالة الرابعة : أن يسبق أحد المخرجين ، ثم يأتي بعده المحلل والمخرج الآخر على سواء ، فيحوز السابق سبق نفسه ، فأما سبق المسبوق ، فمذهب  
الشافعي   أنه يكون للسابق المخرج ، لأن دخول المحلل على مذهبه لتحليل الأخذ به ، فيأخذ إن كان سابقا ، ويؤخذ به إن كان مسبوقا ، وقد حصل السبق لغيره ، فوجب أن يكون أحق بأخذه ، فيكون جميعه للمخرج السابق .  
وعلى مذهب  
أبي علي بن خيران   أن دخول المحلل ليأخذ ولا يؤخذ به ، يكون سباق المتأخر من المخرجين مقرا عليه ، لا يستحقه السابق من المخرجين لأنه يعطي ولا يأخذ ، ولا يستحقه المحلل ، لأنه لم يسبق .  
والحال الخامسة : أن يسبق المحلل وأحد المخرجين على سواء ، يحوز السابق من المخرجين سبق نفسه ، ويكون مال المخرج المسبوق على مذهب  
الشافعي   بين      
[ ص: 196 ] المخرج السابق والمحلل ، وعلى مذهب  
ابن خيران   يكون جميعه للمحلل دون المخرج السابق .  
والحالة السادسة : أن يسبق أحد المخرجين ثم المحلل بعده ثم المخرج الآخر بعد المحلل ، فعلى مذهب 
الشافعي   يكون مال المسبوق للمخرج الأول لسبقه ، وعلى مذهب  
ابن خيران   للمحلل دون السابق .  
والحالة السابعة : يسبق أحد المخرجين ثم يتلوه المخرج الثاني ، ويتأخر عنها المحلل : فعلى مذهب  
الشافعي      : يستحق السابق مال المسبوق ، وعلى مذهب  
ابن خيران   لا يستحقه السابق ، لأنه لا يأخذ ، ولا يستحقه المحلل ، لأنه لم يسبق ، ويكون مقرا على المسبوق ، ثم على قياس هذا في اعتبار المذهبين .