الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : قال الشافعي في الأم : ( وقد جرت عادة الرماة أن يكون الرامي الثاني يتقدم على الأول بخطوة أو خطوتين أو ثلاثة ) .

وهذا معتبر بعرف الرماة وعادتهم ، فإن كانت مختلفة فيه يفعلونه تارة ، ويسقطونه أخرى سقط اعتباره ووجب التساوي فيه ، وإن كانت عادتهم جارية لا يختلفون فيها ، ففي لزوم اعتباره بينهما وجهان :

أحدهما : لا يعتبر لوجوب تكافئهما في العقد ، فلم يجز أن يتقدم أحدهما على الآخر بشيء : لأنه يصير مصيبا بتقدمه لا بحذقه .

[ ص: 210 ] والوجه الثاني : يعتبر ذلك فيهما لأن العرف في العقود كإطلاق الأيمان ، فعلى هذا إن لم يختلف عرفهم في عدد الأقدام حملا على العرف في عددها ليكون القرب بالأقدام في مقابلة قوة النفس بالتقدم .

وإن اختلف العرف في عدد الأقدام اعتبر أقل العرف دون أكثره ، فإن تقدم أحدهما على الآخر بما لا يستحق فلم يحتسب له بصوابه ، واحتسب عليه بخطئه .

التالي السابق


الخدمات العلمية