الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : وإذا اشترطا الخواسق والشن ملصق بالهدف فأصاب ثم رجع ، فزعم الرامي أنه خسق ثم رجع لغلظ لقيه من حصاة وغيرها ، وزعم المصاب عليه أنه لم يخسق وأنه إنما قرع ثم رجع فالقول قوله مع يمينه ، إلا أن تقوم بينة فيؤخذ بها .

[ ص: 218 ] قال الماوردي : اشتراط الخسق إنما يكون في إصابة الشن دون الهدف ، وقد ذكرنا أن الشن هو جلد ينصب في الهدف تمد أطرافه بأوتار أو خيوط تشد في أوتاد منصوبة في الهدف المبني ، وربما كان ملصقا بحائط الهدف ، وربما كان بعيدا منه بنحو من شبر أو ذراع ، وهو أبعد ما ينصب ، وخسق الشن إذا كان بعيدا من الهدف أوضح منه إذا كان ملصقا به .

فإذا رمى والشن ملصق بالهدف ، فأصاب الشن ثم سقط بالإصابة خسق ، فزعم الرامي أنها خسق ولقي غلظا في الهدف من حصاة أو نواة ، فرجع وهو خاسق وزعم المرمي عليه أنه قرع فسقط ولم يخسق ، فلهما ثلاثة أحوال :

أحدهما : أن يعلم صدق الرامي في قوله ، وذلك بأن يعرف موضع خسقه ، ويرى الغلظ من ورائه ، فيكون القول قوله مع يمين ؛ لأن الحال شاهدة بصدقه .

والحال الثانية : أن يعلم صدق المرمي عليه في إنكاره إما بأن لا يرى في الشن خسقا ، وإما بأن لا يرى في الهدف غلظا فالقول قوله ، ولا يمين عليه ؛ لأن الحال شاهدة بصدقه .

والحال الثالثة : أن يحتمل صدق المدعي وصدق المنكر ؛ لأن في الشن خواسق ، وفي الهدف غلظ ، وقد أشكلت الإصابة هل كانت في مقابلة الغلظ أم لا ؟ فإن كانت بينة حمل عليها ، وإن عدمت البينة ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، ولا يحتسب به مصيبا وفي الاحتساب به مخطئا وجهان :

أحدهما : يحتسب به في الخطأ إذا لم يحتسب به في الإصابة لوقوف الرامي بين صواب وخطأ .

والوجه الثاني : لا يحتسب به في الإصابة ؛ لأن الإصابة لا يحتسب بها إلا مع اليقين ، وكذلك لا يحتسب بالخطأ إلا مع اليقين ، فإن نكل المنكر عن اليمين أحلف الرامي المدعي ، فإذا حلف احتسب بإصابته .

التالي السابق


الخدمات العلمية