الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وإذا لم يكن لأهل بلاد قوت من طعام سوى اللحم أدوا مدا مما يقتات أقرب البلدان إليهم " .

قال الماوردي : إذا اقتات قوم ما لا يزكى من الأقوات ، مثل أن يقتاتوا اللحم كالترك ، أو اللبن كالأعراب ، أو السمك كسكان البحار ، فإن قيل : إن إخراج الأقط لا يجزئ لم يجز إخراج غيره من اللحم أو اللبن أو السمك ، وإن قيل : إنه يجزئ ففيها وجهان :

أحدهما : يجزئ ؛ لأنها أقوات كالأقط .

والثاني : أنها لا تجزئ بخلاف الأقط ، للفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : وجود الأثر في الأقط ، وعدمه في سواه .

والثاني : أن الأقط يبقى ويدخر ، وليس يبقى ما سواه ويدخر ولا يكال ، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة ، وإذا لم يجزهم إخراج ذلك عدلوا في كفاراتهم وزكاة فطرهم إلى أقوات غيرهم من أهل البلاد ، وفيها قولان :

أحدهما : يكونون مخيرين بين جميعها .

والقول الثاني : يعدلون إلى الأغلب من قوت أقرب البلاد بهم فيخرجونه ، فإن [ ص: 303 ] عدلوا عنه إلى ما هو أدنى لم يجزهم ، وإن عدلوا عنه إلى ما هو أعلى كان على ما ذكرنا من الوجهين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية