الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ولو أطعم تسعة وكسا واحدا لم يجزه حتى يطعم عشرة ، كما قال الله عز وجل أو كسوتهم .

قال الماوردي : قد جعل الله تعالى للمكفر عن يمينه الخيار في التكفير بأحد ثلاثة أشياء الطعام أو الكسوة أو العتق ، فبأيها كفر أجزأه ، إذا استوفاه ولم يفرق ، فإن أطعم خمسة وكسا خمسة لم يجزه ، وكان مخيرا إن شاء تمم إطعام عشرة مساكين ، وكان متطوعا بالكسوة ، وإن شاء تمم كسوة عشرة مساكين ، وكان متطوعا بالإطعام ، وقال مالك : يجزئه أن يطعم خمسة ويكسو خمسة ؛ لأنه لما أجزأه إطعامهم وأجزأته كسوتهم أجزأه أن يجمع بين إطعامهم وكسوتهم .

وقال أبو حنيفة : إن أطعم خمسة وكسا خمسة ، وجعل كسوة الخمسة بقيمة إطعام الخمسة لم يجز ، وإن جعل إطعام الخمسة بقيمة كسوة الخمسة أجزأه ، فأجاز إخراج قيمة الكسوة طعاما ، ولم يجز إخراج قيمة الطعام كسوة ، فلم يستمر في جواز القيمة على أصله ، ولا في المنع منها على أصلنا ، والدليل على أن الله تعالى خير المكفر بين ثلاثة ، من طعام أو كسوة أو عتق ، فلم يجز أن يجعل له خيارا رابعا في التبعيض ؛ ولأنه لما امتنع في الكفارة تبعيض العتق والصيام امتنع فيها تبعيض الكسوة والإطعام .

التالي السابق


الخدمات العلمية