الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وإن كان غنيا وماله غائب عنه لم يكن له أن يكفر حتى يحضر ماله ، إلا بالإطعام أو الكسوة أو العتق " .

قال الماوردي : قال المزني جعل حكمه حكم الموسر إذا كان المكفر ذا مال غائب ، إما بأن سافر عن مال خلفه ببلده ، وإما بأن سافر بالمال ، وهو مقيم في بلده ، فلم [ ص: 317 ] يقدر على التكفير بالمال لغيبته عنه ، فهو على مذهب الشافعي في حكم الموسر ، ولا يجوز له الصيام حتى يقدر على ماله فيكفر بالمال .

وقال أبو حنيفة : هو في حكم المعسرين يجوز له أن يكفر بالصيام ؛ لأنه لما حل له أن يأخذ من الزكاة والكفارة لحاجته جرى عليه حكم الفقر من كفارته ، وهذا خطأ لأن الحاجة مختصة بمكانه ، والكفارة معتبرة بإمكانه .

فإن قيل : أفليس المتمتع في الحج إذا كان معسرا في مكة موسرا في بلده كفر بالصيام كالمعسر ، فهلا كان كذلك في كفارة الأيمان قيل : الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن مكان الدم في التمتع مستحق بمكة ، فاعتبر يساره أو إعساره بها ، ومكان الإطعام في غيره مطلق فاعتبر يساره وإعساره على الإطلاق .

والثاني : أن الصوم في كفارة التمتع معين للزمان في صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع ، فكان في تأخيره فوات بدله ، وليس لصيام اليمين زمان معين يفوت بتأخيره فافترقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية