مسألة : قال  
الشافعي      : "  
ولو وجبت عليه ، ونصفه عبد ونصفه حر ، وكان في يديه مال لنفسه  لم يجزئه الصوم ، وكان عليه أن يكفر مما في يديه لنفسه ( قال  
المزني      ) رحمه الله : إنما المال لنصفه الحر لا يملك منه النصف العبد شيئا ، فكيف يكفر بالمال نصف عبد لا يملك منه شيئا ، فأحق بقوله أنه كرجل موسر بنصف الكفارة ، فليس عليه إلا الصوم ، وبالله التوفيق .  
قال  
الماوردي      : قال  
المزني      : إذا حنث عن نصفه حر ونصفه عبد لم يخل حاله من أن يكون بنصفه الحر موسرا أو معسرا ، فإن كان معسرا ففرضه التكفير بالصيام ؛ لأنه لما صام بالإعسار مع كمال حريته كان صيامه مع تبعيض الحرية أولى ، وإن كان بنصفه الحر موسرا ، فقد قال  
الشافعي   هاهنا : كفر بالمال فقلب حكم الحرية على حكم الرق في الكفارة ، وإن كان يغلب حكم الرق على حكم الحرية في النكاح والطلاق والنفقة والميراث والشهادة . فاختلف أصحابنا في كفارته على ثلاثة أوجه :  
أحدها : وهو قول طائفة منهم أنه يكفر بالمال على قوله في القديم أنه يملك إذا ملك وعليه خرج الجواب ، فأما على قوله في الجديد : إنه لا يملك إذا ملك فلا يكفر إلا بالصيام .  
والوجه الثاني : - قاله  
المزني   وساعده غيره من أصحابنا - أنه لا يكفر إلا بالصيام على القولين معا ، وأن ما ذهب إليه  
الشافعي   من تكفيره بالمال مخالف لأصوله من وجهين :  
أحدهما : أنه لما غلب فيما عدا الكفارة حكم الرق على الحرية وجب أن يكون كذلك في الكفارة .  
والثاني : ما ذكره  
المزني   من أن نقصان المكفر إذا كان بعضه حرا مملوكا كنقصان التكفير ، إذا وجد بعض الإطعام وعدم بعضه ، فوجب أن يكون عجزه ببعض بدنه مع قدرته على جميع الكفارة كعجزه عن بعض الكفارة مع قدرته بجميع بدنه .  
والوجه الثالث : وهو ظاهر المذهب وما عليه جمهور أصحابنا ، أنه لا يكفر إلا بالمال على القولين معا ؛ تغليبا لحكم الحرية على الرق ، وإن غلب حكم الرق على الحرية في غير الكفارة ، استدلالا بقول الله تعالى  
فمن لم يجد فصيام     [ المائدة : 89 ] وهذا واحد فلم يجزه الصيام ؛ ولأن تكفير الحر الموسر بالمال وتكفير العبد القن بالصوم ، فلم يخل  
حال من تبعضت فيه الحرية والرق  من ثلاثة أحوال ، إما أن يغلب حكم الحرية من تكفير بالمال ، أو يغلب حكم الرق في تكفيره .   
[ ص: 342 ] بالصيام ، أو ببعض تكفيره بالمال والصيام بحسب ما فيه من حرية ورق ، وقد أجمعوا على إبطال التبعيض ، فلم يبق إلا تغليب أحدها فكان تغليب الحرية على الرق في التكفير بالمال أولى من تغليب الرق على الحرية في التكفير بالصيام من وجهين :  
أحدهما : أنه لما تغلب حرية بعضه في السراية إلى عتق جميعه تغلب حكمها في تكفيره .  
والثاني : أن التكفير بالمال أصل ، وبالصيام بدل ، ولذلك كان لمن فرضه الصيام أن يكفر بالمال ولم يجز لمن فرضه المال أن يكفر بالصيام ، فكان تغليب ما أوجب الأصل من المال أولى من تغليب ما أوجب البدل من الصيام ، أما تغليب الرق فيما سوى ذلك من الأحكام ، فلأن تبعيض الحرية والرق موجب لتغليب أغلظ حكميه ، فكان أغلظهما من الكفارة حكم الجزية ، وأغلظهما فيما عداها حكم الرق .  
وأما الجواب عما استدل به  
المزني   من أن نقصان المكفر كنقصان الكفارة ، فهو أن نقصان الكفارة مفض إلى التبعيض فسقط ، ونقصان المكفر موجب لكمال الكفارة ، فافترقا في النقص لافتراقهما في الموجب ، والله أعلم بالصواب ، وبالله التوفيق .