الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولو حلف لا يدخل من باب هذه الدار في موضع فحول ، لم يحنث ، إلا أن ينوي أن يدخلها ، فيحنث " .

قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال من حلف ، لا يدخل هذه الدار من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يطلق يمينه في دخولها ، ولا يسمي موضع دخوله إليها ، فيحنث بدخولها من بابها ، وغير بابها ، من ثقب فيها ، أو جدار تسوره ، حتى دخلها لأن عقد اليمين في الإطلاق مقصور على الدخول ، دون المدخل .

والقسم الثاني : أن يحلف : " لا دخلتها من هذا الباب " ، فإن دخلها منه حنث ، وإن دخلها من باب استحدث لها ، لم يحنث ، سواء فعل ذلك الباب من الأول إلى المستحدث ، أو ترك .

وحكى أبو حامد الإسفراييني عن بعض أصحابنا أنه إن نقل باب الأول إلى الثاني ، حنث بدخول الثاني دون الأول ، وإن ترك على الأول حنث بدخول الأول ، ولم يحنث بدخول الثاني فجعل الباب معتبرا بالخشب المنحوت دون الفتح المعقود ، والذي عليه جمهور أصحابنا هو المعول عليه من مذهب الشافعي أن الباب معتبر بالفتح المعقود ، دون الخشب المنصوب ؛ لأن الباب على ما يكون منه الدخول ، والخروج ، وذلك من الفتح المعقود ، فكان أحق بالاسم من الخشب المنصوب .

والقسم الثالث : أن يحلف لا دخلت هذه الدار من بابها ، ولا يشير إلى باب [ ص: 359 ] بعينه ، فإن تسور عليها من جدارها ، أو دخل من ثقب في حائطها لم يحنث ، وإن دخل من بابها الموجود لها وقت يمينه حنث ، وإن استحدث لها باب غيره فدخل منه ، ففي حنثه وجهان :

أحدهما : وهو ظاهر ما نص عليه الشافعي في هذا الموضع ، أنه لا يحنث ، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة ؛ لأن اليمين انعقدت على باب موجود ، فكان شرطا في الحنث ، كما لو حلف : " لا دخلت دار زيد " فباعها زيد ، لم يحنث .

والوجه الثاني : وهو أظهرهما وبه قال أبو إسحاق المروزي أنه يحنث : لأن الحادث باب لها فصار داخلا من بابها فصار كما لو حلف : " لا دخلت هذه الدار التي لزيد " فباعها زيد ، حنث بدخولها ، فيكون نص الشافعي محمولا على تعيين الباب دون إبهامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية