الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ولو حلف : لا بعت لزيد متاعا ، فوكل زيد في بيع متاعه فباعه الحالف لم يحنث ، وعلى مذهب مالك يحنث ، وليس بصحيح ؛ لأنه أضاف المتاع إلى زيد بلام التمليك ، فصارت يمينه مقصورة على ملك زيد ، وهذا المتاع ملك لغير زيد ، ولو قال : والله لا بعت متاعا في يد زيد ، فوكل زيد في بيع متاعه ، فباعه الحالف نظر في توكيل زيد ، فإن وكل أن يبيعه كيف رأى بنفسه أو بغيره حنث الحالف ؛ لأنه قد باع متاعا في يد زيد ، وإن وكل أن يبيعه بنفسه ، فدفعه إلى الحالف حتى باعه كان البيع باطلا ، ولم يحنث به الحالف ، ويكون الحنث واقعا بما يصح من البيع دون ما فسد ، وكذلك سائر العقود إذا حلف لا يعقدها ، فعقدها عقدا فاسدا لم يحنث ، وقال أبو حنيفة : يحنث بالصحيح منها والفاسد استدلالا بأن العقد فعل ، والصحة والفساد حكم ، وعقد يمينه على الفعل دون الحكم .

ودليلنا : هو أن العقد ما تم ، والفساد يمنع من تمامه ، وإذا لم يتم شرط الحنث لم يقم كالنكاح الفاسد ، فإنه وافق على أنه لا يحنث به ، وخالف في البيع الفاسد [ ص: 390 ] فأوقع الحنث به ، فإن اعتبر الحنث بفعل العقد بطل النكاح ، وإن اعتبره بصحة العقد بطل بالبيع ، فلم يسلم له دليل ، ولم يصح له تعليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية