الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا حلف لا يشم البنفسج ، فشم دهن البنفسج ، أو لا يشم الورد ، فشم دهن الورد أو شم ماء الورد لم يحنث .

وقال أبو حنيفة : يحنث بدهن البنفسج ، ولا يحنث بدهن الورد وماء الورد ، فرق بينهما بعرف أهل الكوفة ، أنهم يسمون دهن البنفسج بنفسجا ، ولا يسمون دهن الورد وردا ، وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : أنها تسمية مجاز ، فكان اعتبارها بالحقيقة أولى .

والثاني : أن اسم الورد والبنفسج منطلق على جسم ورائحة ، فلم يجز أن يتعلق [ ص: 424 ] حكمها بالرائحة وهي فرع مع عدم الجسم وهو أصل .

فعلى هذا لو شم البنفسج بعد انتقال رائحته إلى الدهن حنث به عندنا ، ولم يحنث به عند أبي حنيفة ، وما قلناه أولى ، لأنه لا يعدم بقايا رائحته من بقايا شمه .

ولو شم عصارة الورد بعد استخراج مائه لم يحنث به ، لأن اسم الورد قد زال عنه ، وماؤه قد خرج منه ، فخالف بهذين حال البنفسج بعد التربية ، وكان ورق الورد بعد التربية كالبنفسج بعد التربية في وقوع الحنث بهما ، ما كانت رطوبتهما باقية ، فإن يبسا كان في الحنث بهما بعد يبسهما وجهان :

أحدهما : لا يحنث ، كمن حلف لا يأكل رطبا ، فأكل تمرا .

والوجه الثاني : يحنث لبقاء اسمه وجسمه . وخالف أكل التمر عن الرطب لزوال اسم الرطب عنه ، وبقاء اسم الورد والبنفسج على ما يبس منه . ولتعليل هذين الوجهين :

كان من حنث من حلف لا يأكل هذا الرطب ، فأكله تمرا على وجهين .

التالي السابق


الخدمات العلمية