الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " والطائفة ثلاثة وأكثر وأكره أن يصلي بأقل من طائفة وأن تحرسه أقل من طائفة " .

قال الماوردي : أما الطائفة فقد ورد القرآن بها في مواضع يختلف المراد بها من الأعداد لاختلاف ما اقترن بها من الأحكام .

والمراد بقوله تعالى : فلتقم طائفة منهم معك [ النساء : 102 ] .

[ ص: 464 ] وقوله تعالى : ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك [ النساء : 102 ] . أقلها ثلاثة : لأن المأمور فيها أن يصلي بجماعة وأن تحرسه جماعة فكانت الطائفة عبارة عن الجماعة ، وأقل الجمع في الإطلاق ثلاث وإنما يعبر عن الاثنين بلفظ الجمع بدليل لا بمطلق العبارة وظاهرها .

وقال تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا [ الحجرات : 9 ] . فحمل على الفريقين والقبيلتين من الناس ، وقال تعالى : وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين [ النور : 2 ] . فحمل على الأربعة في الآيات لتعلقه بالزنا ولا يثبت بأقل من أربعة .

وقال تعالى : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم [ التوبة : 122 ] . فحمل على الواحد لأن الإنذار يقع به فكان ذكر الطائفة في هذا الموضع يختلف حملا على ما يليق بها ويقارنها في موضعها ، فإذا صح أن المراد في صلاة الخوف طائفة أقلها ثلاثة فيكره أن يصلي بأقل من طائفة وتحرسه أقل من طائفة لقوله تعالى : فلتقم طائفة منهم معك وقال تعالى : ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك فإن صلى بأقل من ثلاثة أو صلى بثلاثة وحرسه أقل من ثلاثة فقد أساء وصلاتهم مجزئة .

التالي السابق


الخدمات العلمية