الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن عقد نذره على صيام رمضان ، والعيدين وأيام التشريق ، لم ينعقد نذره ولم يلزمه قضاؤه .

وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : ينعقد نذره ويلزمه قضاؤه ، فإن صام ذلك عن نذره أجزأه العيدان ، وأيام التشريق ، فأما رمضان فيجزئه إن كان مسافرا ولا يجزئه إن [ ص: 494 ] كان حاضرا ، ويجزئه في قول أبي يوسف مسافرا كان أو حاضرا استدلالا بأمرين :

أحدهما : أنه لما دخل في نذره إذا عم وجب أن ينعقد عليه النذر إذا خص .

والثاني : أن أول نذره بدأ بعقده على صيام شهر وأيام وإذا وصله في تعيينه برمضان والأيام المحرمة سقط حكم المعصية ، ولم يبطل حكم النذر ، كما لو قال : " لله علي أن أصلي في دار مغصوبة " لزمته الصلاة وسقط فعلها في دار مغصوبة .

ودليلنا حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نذر في معصية الله ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم ولأن ما لم يستحق صومه عن النذر لم ينعقد به النذر كأيام الحيض ، ولأنه زمان ينافي صيام نذره فلم ينعقد عليه نذره كالليل .

والجواب عن استدلاله بدخوله في عموم نذره ، فجاز أن ينعقد على خصوص النذر ، فكذلك حكم ما اختلفنا فيه فدخل في عموم نذره ، ولا ينعقد عليه خصوص نذره .

وأما الجواب عن استدلاله بنذره الصلاة في الدار المغصوبة ، فيحتمل انعقاد نذره على وجهين :

أحدهما : باطل فسقط الاستدلال به .

والثاني : أنه صحيح ويصليها في غير المغصوبة ، ويجزئه إن صلاها في الدار المغصوبة .

والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن تعيين الزمان من الصيام المنذور لازم ، وتعيين المكان في الصلاة المنذورة غير لازم .

والثاني : ما أجمعنا عليه من أنه لو نذر صوم يوم مطلق ، فصامه في يوم عيد ، لم يجزه .

ولو نذر صلاة مطلقة فصلاها في دار مغصوبة أجزأه .

التالي السابق


الخدمات العلمية