الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وإن قال : لله علي أن أحج عامي هذا فحال بينه وبينه عذر أو سلطان فلا قضاء عليه ، وإن حدث به مرض أو خطأ عدد أو نسيان أو توان قضاه " .

قال الماوردي : الحج المنذور ضربان : مطلق ، ومعين .

فأما المطلق : فهو أن يقول : " إن شفى الله مريضي فلله علي أن أحج " ولا يعين [ ص: 495 ] عام حجه فإذا شفى الله مريضه وجب عليه الحج ، لوجود شرط النذر ، ولا يعتبر في وجوبه وجود الزاد ، والراحلة .

وفي اعتبار وجودهما في أدائه وجهان حكاهما ابن أبي هريرة :

أحدهما : يعتبر وجودهما في الأداء ؛ لأنهما من شرائط الإمكان .

والوجه الثاني : لا يعتبر وجودهما في الأداء ؛ لأنه قد كان قادرا على الاستثناء به في نذره ، وهو قول من لا يطرح الغلبة في الأيمان فلم يطرحها في النذور ، وفي وجوب تعجيله على الفور وجهان مضيا .

وأما المعين ، وهو أن يقول : إن قدم غائبي ، فلله علي أن أحج في عامي هذا ، فلا يخلو قدوم غائبه أن يكون قبل وقت الحج في عامه أو بعده ، فإن قدم بعد عامه سقط ، ولم يجب عليه الحج لانقضاء وقته ، وإن قدم قبل حج عامه ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون الوقت متسعا لحجه ، فقد لزمه النذر ، وتعين عليه في عامه الحج لإمكان أدائه فيه .

والضرب الثاني : أن يضيق الوقت عن إمكان الحج في عامه لقصور زمانه ، ففي لزوم نذره ووجوب الحج عليه وجهان :

أحدهما : لا يلزمه النذر .

والثاني : يلزمه النذر ، ووجب عليه الحج ، ويقضيه بعد عامه ، لأنه قد كان قادرا على استثنائه في نذره ، وهو قول من لا يطرح الغلبة ، كما ذكرناه من الوجهين في وجود الزاد والراحلة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية