الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : النوع الثاني : الشرط ] .

وأما النوع الثاني وهو الشرط :

والشرط في اللغة هو العلامة ومنه قول الله عز وجل : فقد جاء أشراطها [ محمد : 18 ] . أي علاماتها ولذلك سمي صاحب الشرط لتميزه بعلامته .

والشرط في الشرع : هو الشيء الذي علق به الحكم لأنه علامة لوجوبه .

فإذا علق الحكم بشرط ثبت الحكم بوجوده وانتفى بعدمه كقوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] . فيتعلق به إثبات ونفي فيجري مجرى الاستثناء من وجه وإن خالفه من وجه .

فوجه اجتماعهما أنه قد يثبت حكما وينفي حكما .

ووجه افتراقهما : أن الشرط يثبت الحكم في حال وجوده وينفيه في حال عدمه ، والاستثناء يجمع بين النفي والإثبات في حال واحدة .

وربما قيد الحكم بشرط قام الدليل على ثبوت الحكم مع وجوده وعدمه ولا يتعلق بالشرط إثبات ولا نفي .

ويصرفه الدليل عما وضع له من الحقيقة إلى ما قصد به من المجاز كقوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر [ الطلاق : 4 ] . وحقها في العدة مع وجود الريبة وعدمها سواء .

فإن تجرد الشرط عن دليل حمل على موجبه في النفي الإثبات .

[ ص: 71 ] فإن علق الشرط بجمل مذكورة عاد إلى جميعها ما لم يخصه دليل كالاستثناء .

وجعله أبو حنيفة عائدا إلى أقرب مذكور .

ودليلنا قوله تعالى : فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام [ المائدة : 89 ] . يعود إلى جميع ما تقدم ولا يعود إلى أقرب مذكور من تحرير الرقبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية