الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 99 ] [ القول في مصادر السنة ] :

فأما القسم الأول فما تؤخذ منه السنة فهو مأخوذ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ثلاثة أوجه :

من قوله وفعله وإقراره .

[ أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ] :

فأما أقواله : فمطاع فيها ، قال الله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] .

وهي على أربعة أضرب :

أمر ، ونهي ، وخبر ، واستخبار ، فيطاع في أوامره ، ويتبع في نواهيه ، ويصدق في خبره ، ويجاب على استخباره .

ثم تنقسم قسمين :

أحدهما : ما ابتدأه .

والثاني : ما كان جوابا عن سؤال .

فأما المبتدأ من أقواله فيشتمل على خمسة أقسام : عبادات ، ومعاملات ، وترغيب ، وترهيب ، وتأديب .

فأما العبادات فتتردد بين وجوب وندب .

وأما المعاملات فتتردد بين إباحة وحظر .

وأما الترغيب بالثواب فداع إلى الطاعة .

وأما الترهيب بالعقاب فزاجر عن المعصية .

وأما التأديب فباعث على الجملة والألفة . وبهذا تتم مصالح الدين والدنيا .

وأما ما كان جوابا عن سؤال : فينقسم ثلاثة أقسام :

أحدها : ما قابل السؤال فلم يزد عليه ولم ينقص منه كما سئل عن الاستطاعة في الحج فقال : " زاد وراحلة " وهذا حد الجواب أن يكون مطابقا للسؤال .

والثاني : أن يكون الجواب أزيد من السؤال كما سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته " . فتكون الزيادة على السؤال بيان شرع مبتدأ .

والثالث : أن يكون الجواب أنقص من السؤال فله أربعة أحوال :

إحداها : أن يكون نقصان الجواب لخطأ السائل في السؤال كما سئل عما يلبس المحرم فقال : لا يلبس قميصا ولا عمامة .

[ ص: 100 ] والحال الثانية : أن يكون في كتاب الله بيان لبقية السؤال كما يسأله عمر عن الكلالة فقال : " تكفيك آية الصيف " .

والثالثة : أن يكون في بعض الجواب تنبيه على بقية الجواب كما سأله . عمر عن قبلة الصائم فقال " أرأيت لو تمضمضت ؟ " .

والحال الرابعة : أن يكون لتوقف عنه ، فإن لم يكن له تعلق بالديانات لم يلزمه إتمام الجواب ، وإن تعلق بالديانات لزمه إتمام الجواب لما فيه من إظهار دين الله فيه ، وليس يتوقف إلا ليتوقع أمر الله وبيانه كما سأله أسيد بن حضير عن الحيض فتوقف حتى نزل قوله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو أذى [ البقرة 222 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية