الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : هل تثبت الأسماء والحدود والمقادير بالقياس ؟ .

فإذا تقرر ما بيناه من أقسام القياس أنه أصل من أصول الشرع فالذي يثبت [ ص: 152 ] بالقياس في الشرع هو الأحكام المستنبطة من النصوص .

فأما الأسماء والحدود والمقادير فقد اختلف أصحابنا في جواز استخراجها بالقياس على وجهين :

أحدهما : يجوز أن تثبت الأسماء بالقياس إذا تعلق بها أحكام كتسمية النبيذ خمرا لوجود معنى الخمر فيه ويجوز أن تثبت الحدود قياسا فيثبت حد الخمر ثمانين ، قياسا على القذف كما قال علي بن أبي طالب لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى وحد المفتري ثمانون .

ويجوز أن تثبت المقادير قياسا : كما قدرنا أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر وأكثره وأقل السفر وأكثره .

وقد أشار ابن أبي هريرة إلى اختيار هذا الوجه لأن جميعها أحكام .

والوجه الثاني : يجوز إثبات الأسماء ولا إثبات الحدود ولا إثبات المقادير بالقياس .

أما الأسماء فلأنها مأخوذة من اللغة دون الشرع .

وأما الحدود فلأن معانيها غير معقولة .

وأما المقادير فلأنها مشروعة وإنما صير في هذه الأمور المقدرة إلى عرف أو وجود .

والله أعلم بصواب ما استأثر بعلمه فهذا شرح ما قدمناه من أصول الشرع الأربعة وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية