الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والشرط الثاني الذكورة فيكون رجلا .

فأما المرأة فلا يجوز تقليدها .

وجوزه ابن جرير الطبري كالرجل .

وقال أبو حنيفة يصح قضاؤها فيما تصح فيه شهادتها وشهادتها عنده تصح فيما سوى الحدود والقصاص .

فأما ابن جرير فإنه علل جواز ولايتها بجواز فتياها .

وأما أبو حنيفة فإنه علل جواز ولايتها بجواز شهادتها .

والدليل على فساد ما ذهبا إليه : قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض [ النساء : 33 ] . يعني في العقل والرأي فلم يجز أن يقمن على الرجال .

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أخروهن من حيث أخرهن الله .

ولأنه لما منعها نقص الأنوثة من إمامة الصلوات مع جواز إمامة الفاسق ، كان المنع من القضاء الذي لا يصح من الفاسق أولى .

ولأن نقص الأنوثة يمنع من انعقاد الولايات كإمامة الأمة .

ولأن من لم ينفذ حكمه في الحدود لم ينفذ حكمه في غير الحدود كالأعمى .

وأما جواز فتياها وشهادتها فلأنه لا ولاية فيهما فلم تمنع منهما الأنوثة وإن منعت من الولايات وكذلك تقليد الخنثى لا يصح ، لجواز أن يكون امرأة فإن زال إشكاله وبان رجلا صح تقليده .

فإن رد إلى المرأة تقليد قاض لم يصح ، لأنه لما لم يصح أن تكون والية لم يجز أن تكون مولية .

وإن رد إليها اختيار قاض جاز ، لأن الاختيار اجتهاد لا تمنع منه الأنوثة كالفتيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية