الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والشرط الرابع الإسلام : فلا يجوز أن يكون الكافر قاضيا على المسلمين ، ولا على أهل دينه .

وجوز أبو حنيفة تقليده على أهل دينه ، وأنفذ أحكامه وقبل قوله في الحكم بينهم ، كما جوز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض .

اعتبارا بالعرف الجاري في تقليدهم .

واحتجاجا بقوله تعالى : لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض [ المائدة : 51 ] .

ولأنه لما جازت ولايتهم في المناكح جازت في الأحكام .

ودليلنا قول الله تعالى : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون [ التوبة : 29 ] . ونفوذ الأحكام ينفي الصغار .

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه فمنع هذا الخبر من أن يكون في الإسلام ولاية لغير مسلم .

[ ص: 158 ] ولأن الفاسق من المسلمين أحسن حالا من الكافر لجريان أحكام الإسلام عليه فلما منع الفسق من ولاية القضاء كان أولى أن يمنع منه الكفر .

ولأن كل من لم تصح ولايته في العموم لم تصح ولايته في الخصوص كالصبي والمجنون طردا وكالمسلم العدل عكسا .

فأما الآية فمحمولة على الموالاة دون الولاية .

وأما ولاياتهم في مناكحهم فلأنهم مالكون لها فلم يعترض عليهم فيها .

وأما العرف الجاري من الولاة في تقليدهم فهو تقليد زعامة ورياسة وليس بتقليد حكم وقضاء وإنما يلزم حكمه أهل دينه لالتزامهم له لا للزومه لهم .

ولا يقبل الإمام قوله فيما حكم به بينهم .

وإذا امتنعوا من تحاكمهم إليه لم يجبروا عليه وكان حكم الإسلام عليهم أنفذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية