الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والشرط الخامس العدالة : فمعتبرة في القضاء وجميع الولايات .

والعدالة : أن يكون صادق اللهجة ظاهر الأمانة عفيفا عن المحارم متوقيا للمآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب مستعملا لمروءة مثله في دينه وسنستوفي شروطها في كتاب الشهادات . فإذا تكاملت فيه فهي العدالة التي تصح بها ولايته وتقبل بها شهادته .

فأما الفسق فعلى ضربين :

أحدهما : ما تعلق بأفعال يتبع فيها الشهوة فلا يصح تقليده ولا ينفذ حكمه وإن وافق فيه الحق لفساد ولايته .

وحكي عن الأصم صحة ولايته ، ونفوذ حكمه ، إذا وافق الحق لصحة إمامته في الصلاة ، وجواز اتباعه فيها .

وهذا خطأ لقول الله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة [ الحجرات : 6 ] . فمنع من قبول قوله ، فكان أولى أن يمنع من نفوذ قوله .

ولأن الله تعالى لما جعل العدالة شرطا في الشهادة كان أولى أن تكون شرطا في القضاء ، وجازت إمامته لتعلقها بالاختيار وخروجها عن الإلزام .

والضرب الثاني : من الفسق ما اختص باعتقاد يتعلق فيه بشبهة يتأول بها خلاف الحق .

ففي جواز تقليده وجهان :

[ ص: 159 ] أحدهما : لا يجوز لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل ، وجب أن يستوي حكم الفسق بتأويل وغير تأويل .

والوجه الثاني : يجوز تقليده لأنه لما كان تأوله الشبه في الفروع لا يمنع من التقليد كان كذلك في الأصول .

فإن طرأ عليه الفسق بعد صحة تقليده بطلت ولايته بالضرب الأول .

وفي بطلانها بالضرب الثاني وجهان :

أصحهما هاهنا لا تبطل .

وأصحهما هناك لا تنعقد لأنه لا يقلد إلا بتعديل كامل ولا ينعزل إلا بجرح كامل .

التالي السابق


الخدمات العلمية