الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن يحكم لحاضر على حاضر بحق غائب ، فهذا يكون في الأعيان دون الذمم ، وهذا مما يكتب بمثله القضاة .

وثبوت استحقاقه قد يكون من أحد ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يقر به المطلوب .

والثاني : أن يثبت بيمين الطالب بعد نكول المطلوب .

والثالث : أن يكون ببينة شهدت به للطالب على المطلوب .

فإن ثبت الاستحقاق بإقرار المطلوب كان القاضي فيما يكتب به من حكمه مخيرا بين أن يذكر ثبوت استحقاقه بإقراره أو لا يذكر : لأن المقر لو أقام بينة باستحقاقه لم تقبل منه .

[ ص: 216 ] وإن ثبت الاستحقاق بيمين الطالب بعد نكول المطلوب لزم القاضي فيما يكتب به من حكمه أن يذكر ثبوت ذلك عنده بيمين الطالب بعد نكول المطلوب : لأن المطلوب لو أقام بينة قبلت منه .

وإن ثبت الاستحقاق ببينة شهدت به على المطلوب ففي وجوب ذكرها في كتاب القاضي وجهان :

أحدهما : لا يلزمه ذكر البينة ، ويكون فيه مخيرا ، كالإقرار .

والوجه الثاني : يلزمه ذكر الحكم بالبينة ، لأنه قد يجوز أن يعارضها المطلوب ببينة أخرى فيكون بيده وببينته أحق من بينة بغير يد .

والقاضي بالخيار بين أن يسمي شهود البينة أو لا يسميهم إذا وصفهم بالعدالة .

فإن لم يصفهم بها فهل يكون الحكم بهم تعديلا أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : إن ذكره للحكم بشهادتهم تعديل يغني عن ذكر عدالتهم .

والوجه الثاني : أنه لا بد أن يصفهم بالعدالة وبما يجوز به قبول الشهادة ؛ لأنه قد يجوز أن يكون حكم بظاهر التوسم والسمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية