الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الثاني في مكاتبة القاضي للأمير : فهي مقصورة على مكاتبة أمير البلد الذي فيه الخصم المطلوب ، أو الملك المحكوم به ، دون غيره من الأمراء . ولا يكتب إليه إلا بما حكم به ، وأمضاه ، ليكون الأمير مستوفيا له ولا يكون حاكما به لأن الحماة والأمراء أعوان على استيفاء الحقوق ، وليسوا بحكام فيها ، بخلاف القضاة المندوبين للاستيفاء والأحكام .

وإذا كان كذلك ، فمكاتبة القاضي للأمير مقصورة على أحد ثلاثة أمور :

أحدها : أن يكتب إليه بما حكم به من ملك الطالب في بلده ، ليمكنه من التصرف فيه ، فيرفع عنه يد من سواه ، فهذا يجوز إذا أمن عدوان الأمير .

فلو كان لبلد الملك أمير وقاض ، كانت مكاتبة الأمير بذلك أولى من مكاتبة القاضي : لأنه باليد أخص ، ما لم يعارضه القاضي فيه .

والثاني : أن يكتب إليه بما حكم به على الخصم المطلوب ، ليستوفيه للطالب ، فهذا يجوز أن يكاتب به الأمير .

[ ص: 225 ] فلو كان لبلد هذا المطلوب أمير وقاض ، كانت مكاتبة القاضي بذلك أولى : لأن القاضي بإلزام الحقوق أخص .

والثالث : أن يكتب إليه بإحضار المطلوب إليه فهذا معتبر بولاية القاضي .

فإن كان بلد الأمير داخلا في ولايته ، جاز أن يكتب إليه بإحضار المطلوب .

ولزم الأمير إنفاذه إليه .

وإن كان خارجا من ولايته ، لم يجز للقاضي أن يكتب إلى الأمير بإحضاره ولم يجز للأمير أن ينفذه إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية