الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : كتاب القاضي وهو في غير محل ولايته .

وإذا سافر القاضي عن بلد ولايته ، وكتب كتابا بحكم إلى قاض آخر لم يكن للمكاتب أن يقبل كتاب الكاتب ؛ لأن كتابه حكم ، وحكمه لا ينفذ في غير عمله .

ولو كتبه الكاتب وهو في عمله فوصل إلى المكاتب وهو في غير عمله ، لم يكن له أن يقبله ؛ لأن قبوله حكم ، وحكمه في غير عمله لا ينفذ .

ولو أن قاضيين اجتمعا في غير عملهما ، مثل قاضي البصرة وقاضي الكوفة إذا اجتمعا ببغداد لم يكن لأحدهما أن يؤدي إلى الآخر ما حكم به ، ولا أن يقبل منه ما حكم به ، لأن الأداء والقبول حكم لا يصح منهما في غير عملهما .

ولو أنهما اجتمعا في بلد أحدهما مثل قاضي البصرة وقاضي الكوفة إذا اجتمعا في البصرة ، فأدى كل واحد منهما إلى الآخر ما حكم به ، لم يجز لقاضي البصرة أن يحكم بما أداه إليه قاضي الكوفة .

لأنه أداه في غير عمله ، وأداؤه حكم وليس بشهادة لأمرين :

أحدهما : أن قوله وحده مقبول ، والشهادة لا تقبل إلا من اثنين .

والثاني : أنه يخبر بفعل نفسه ، ولا تقبل شهادة الشاهد على فعل نفسه .

فأما ما أداه قاضي البصرة إلى قاضي الكوفة فأداؤه مقبول ؛ لأنه يؤديه في غير عمله .

[ ص: 234 ] ويصير قاضي الكوفة بسماعه منه عالما به ، وليس بحاكم فيه ؛ لأنه في غير عمله .

فإذا صار إلى عمله ففي جواز حكمه به قولان ، كالقاضي في جواز حكمه بعمله ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية