الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 279 ] مسألة : قال الشافعي : " ولا بأس إذا جلس أن يقول تكلما أو يسكت حتى يبتدئ أحدهما " .

قال الماوردي : والأولى في أدب الخصمين إذا جلسا للتحاكم أن يستأذنا القاضي في الكلام ليتكلما بعد إذنه .

فإن بدئ بالكلام من غير إذنه ، جاز ، وإن خالف فيه أدبه .

فإن سكت الخصمان ولم يتكلم واحد منها بعد جلوسهما فإن كان السكوت للتأهب للكلام أمسك عنهما ، حتى يتحرر للمتكلم ما يذكره .

وكذلك إن كان سكوتهما لهيبة حضرتهما عن الكلام توقف حتى تسكن نفوسهما فيتكلمان .

وإن أمسكا لغير سبب ، لم يتركهما على تطاول الإمساك ، فينقطع بهما عن غيرهما من الخصوم وقال لهم : ما خطبكما ؟ وهو أحد الألفاظ في استدعاء كلامهما : لأنه في كتاب الله تعالى محكي من نبيه موسى عليه السلام فإن عدل عنه ، وقال : تكلما ، أو يتكلم المدعي منكم ، أو يتكلم أحدكما ، جاز .

والأولى أن يقول ذلك العون القائم على رأسه ، أو بين يديه .

فإن تنازعا في الابتداء بالكلام ، ولم يسبق به أحدهما ، فقد ذكرنا فيه وجهين :

أحدهما : يقرع بينهما ، ويقدم من قرع منهما .

والثاني : يصرفهما ، حتى يتفقا على ابتداء أحدهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية