الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : الهدية على الشفاعة .

روى عبد الله بن أبي جعفر ، عن خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن أبي أمامة " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من شفع لأحد شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا " .

وهذا الحديث وإن كان مرسلا فسيظهر في الاستدلال به على ما يوجبه حكم الأصول .

ومهاداة الشافع معتبرة بشفاعته ، وهي على ثلاثة أقسام :

[ ص: 288 ] أحدها : أن يشفع في محظور ، من إسقاط حق ، أو معونة على ظلم ، فهو في الشفاعة ظالم وبقبول الهدية عليها آثم ، تحل له الشفاعة ، ولا تحل له الهدية .

والقسم الثاني : أن يشفع في حق يجب عليه القيام به ، فالشفاعة مستحقة عليه والهدية عليه محظورة : لأن لوازم الحقوق لا يستعجل عليها .

والقسم الثالث : أن يشفع في مباح لا يلزمه ، فهو بالشفاعة محسن لما فيها من التعاون ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اشفعوا إلي ، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء " .

وللهدية على هذه الشفاعة ثلاثة أحوال :

إحداها : أن يشترطها الشافع فقبولها محظور عليه : لأنه يستعجل على حسن قد كان منه .

والحال الثانية : أن يقول المهدي هذه الهدية جزاء على شفاعتك فقبولها محظور عليه ، كما لو شرطها : لأنها لما جعلت جزاء صارت كالشرط .

والحال الثالثة : أن يمسك الشافع عن اشتراطها ويمسك المهدي عن الجزاء بها فإن كان مهاديا قبل الشفاعة ، لم يمنع الشافع من قبولها ولم يكره له القبول ، وإن كان غير مهاد قبل الشفاعة كره له القبول ، وإن لم يحرم عليه فإن كافأ عليها لم يكره له القبول .

التالي السابق


الخدمات العلمية