الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 319 ] فصل : فيما يتعلق بشهادة الزور

مسألة : قال الشافعي : " وإذا علم من رجل بإقراره أو تيقن أنه شهد عنده بزور عزره ولم يبلغ بالتعزير أربعين سوطا وشهر أمره ، فإن كان من أهل المسجد وقفه فيه ، وإن كان من أهل قبيل وقفه في قبيله أو في سوقه وقال إنا وجدنا هذا شاهد زور فاعرفوه " .

حكم شهادة الزور

قال الماوردي : أما شهادة الزور فمن الكبائر .

روى خريم بن فاتك قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما وقال : " عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات " ثم تلا قول الله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور [ الحج : 35 ] .

وروى محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار " .

ما يتعلق بشهادة الزور من الأحكام .

والذي يتعلق بشهادة الزور أربعة أحكام :

أحدها : ما يعلم به أنه شهد بزور .

وهذا يعلم من ثلاثة أوجه :

أحدها : من إقراره أنه شهد بزور .

والثاني : من استحالته أن يشهد على رجل بقتل ، أو زنا ، في زمان معين ، في بلد بعينه ، وقد علم يقينا أن المشهود عليه كان في ذلك الزمان في غير ذلك البلد .

والثالث : بأن تقوم عليه البينة أنه شهد بزور .

فأما إن شهد بما أخطأ فيه أو اشتبه عليه لم تكن شهادة زور ولكن يوبخ عليها ، لتسرعه إلى الشهادة قبل تحققها .

فإن كثر ذلك منه ردت شهادته ، وإن كان على عدالته لعدم الثقة بها .

فأما تعارض البينتين فلا يقضي فيه بالتكذيب والرد ، لأنه ليس تكذيب إحداهما بأولى من تكذيب الأخرى ، فلم يقدح ذلك في عدالة إحداهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية