الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ من لا يجوز أن يحكم له القاضي ] .

مسألة : قال الشافعي : " وكل ما حكم به لنفسه وولده ووالده ومن لا تجوز له شهادته رد حكمه " .

قال الماوردي : أما حكمه لنفسه فمردود كما ترد شهادته لنفسه ؛ لأنه مؤتمن في حق غيره لا في حق نفسه .

وأما حكمه على نفسه فمقبول .

وهل يكون إقرارا أو حكما ؟ فيه وجهان :

أحدهما : يكون إقرارا ، فعلى هذا يصح في كل ما يصح الإقرار به ويرد فيما لا [ ص: 339 ] يلزم بالإقرار ، كشفعة الجوار إذا قال : قد حكمت بها على نفسي للجار ، لم ينفذ حكمه بها على نفسه .

والوجه الثاني : يكون حكما على نفسه ، فإذا حكم عليها بشفعة الجوار لزمته ، وإذا حكم عليه بمقاسمة الإخوة للجد في الميراث وكان جدا نفذ حكمه ، وإن كان أخا لم ينفذ حكمه : لأنه حكم لها .

فأما حكمه لأحد من والديه ، وإن يعلوا ، أو لأحد من مولوديه وإن سفلوا ، فمردود في قول جمهور الفقهاء . وحكي عن أبي ثور جوازه .

وهذا خطأ ؛ لأن الحكم أقوى من الشهادة ، وهو ممنوع من الشهادة لهم ، فكان أولى أن يمنع من الحكم لهم .

فأما حكمه على والديه ومولوديه فجائز : لأنه لما جازت شهادته عليهم جاز حكمه عليهم .

فأما من عدا طرفيه الأعلى والأسفل من أقاربه كالإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم ، فيجوز أن يحكم لهم وعليهم كما يجوز أن يشهد لهم وعليهم .

فلو تحاكم إليه ولده ووالده فحكم لأحدهما على الآخر ففي جوازه وجهان محتملان :

أحدهما : لا يجوز : لأنه حكم لوالده وولده .

والوجه الثاني : يجوز : لأنهما قد استويا في البعضية فانتفت عنه تهمة الممايلة ، فصار حاكما على والد أو ولد .

التالي السابق


الخدمات العلمية