[ ص: 19 ] باب  
شهادة النساء لا رجل معهن  ، والرد على من أجاز شهادة امرأة من هذا الكتاب ، ومن كتاب اختلاف  
ابن أبي ليلى   وأبي حنيفة   
قال  
الشافعي   رحمه الله : " والولادة ، وعيوب النساء ، مما لم أعلم فيه مخالفا في أن شهادة النساء جائزة فيه لا رجل معهن " .  
قال  
الماوردي      : أما الولادة ، فلا اختلاف بين الفقهاء في أنه يجوز أن تقبل فيها شهادة النساء منفردات ، وإنما اختلفوا في علة الجواز ، فعند  
الشافعي   ، أنه مما لا يحضره الرجال ، وعند  
أبي حنيفة   ، أنه مما لا يباشره إلا النساء .  
وأما الشهادة فيما سوى ذلك من أحوال أبدانهن ، فتنقسم ثلاثة أقسام :  
أحدها : ما اتفقوا على جواز  
شهادة النساء المنفردات  فيه ، وهو ما حرم على ذوي المحارم تعمد النظر إليه فيما بين السرة والركبة ، سواء كان في الفرج كالقرن ، والرتق أو كان مما عداه من برص أو غيره ، تعليلا عند  
الشافعي   بأنه لا يشاهده الرجال ، وتعليلا عند  
أبي حنيفة   بأنه لا يباشره إلا النساء .  
فإن قيل : فهي عورة من المرأة تحرم على الرجال والنساء ، فلم جوزتم فيها شهادة النساء مع مشاركتهن للرجال في التحريم ؟  
قيل : لأنها في حقوق الرجال أغلظ تحريما منها في حقوق النساء ، لأن تحريمها في الرجال مختص بمعنيين :  
أحدهما : ستر العورة .  
والثاني : قطع الشهوة .  
وتحريمها في النساء مختص بمعنى واحد ، وهو ستر العورة ، فلما دعت الضرورة فيه إلى الشهادة أبيحت لأخف الجنسين حظرا .  
والقسم الثاني :  
ما لا يقبل فيه إلا الرجال دون النساء  ، وهو ما لم يكن من عورات أبدانهن ، كالوجه والكفين ، فلا يقبل في عيوبه إلا شهادة الرجال دون النساء إجماعا ، لخروجه عن العورة في حقوق الرجال والنساء ، فلم تدع الضرورة فيه إلى انفراد النساء .   
[ ص: 20 ] والقسم الثالث : ما اختلف فيه ، وهو فيما كان عورة مع الأجانب ، ولم يكن عورة مع ذوي المحارم ، كالذي علا عن السرة وانحدر عن الوجه والكفين ، ومنه الرضاع من الثديين ، فمذهب  
مالك   ، أنه يجوز أن يقبل فيه شهادة النساء منفردات ، لتحريمه على الأجانب ، وعند  
أبي حنيفة   ، لا يقبل فيه شهادة النساء منفردات ، لإباحته لذوي المحارم ، وقد مضت هذه المسألة في الرضاع .