الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ثم يحرم بالتكبير ، فيرفع يديه حذو منكبيه ثم يكبر سبع تكبيرات ، سوى تكبيرة الإحرام " .

قال الماوردي : أما صلاة العيد فركعتان إجماعا ، ويتضمن تكبيرا زائدا قد اختلف الناس في عدده ، فعند الشافعي أن التكبير الزائد فيها اثنتا عشرة تكبيرة ، سبع في الأولى سوى الإحرام وخمس في الثانية سوى الإحرام وكل التكبير من قبل القراءة وبه قال أكثر الصحابة والتابعين .

وقال مالك : التكبير الزائد إحدى عشرة ست في الأولى وخمس في الثانية .

[ ص: 490 ] وقال أبو حنيفة : يزاد في الأولى ثلاث تكبيرات قبل القراءة ويزاد في الثانية ثلاثا بعد القراءة استدلالا بخبرين :

أحدهما : ما روي أن سعيد بن العاص سأل حذيفة بن اليمان ، وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما عن تكبير العيدين ، فقال أبو موسى : كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيد أربعا ، كتكبير الجنازة ، ووالى بين القراءتين ، وكبر أربعا بالبصرة حيث كنت بها ، فقال حذيفة صدق .

والخبر الثاني : ما رواه ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيد أربعا والتفت ، وقال أبلغ كتكبير الجنازة .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه ما قاله الشافعي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول سمعت عبد الله بن عباس يقول أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كبر في صلاة العيدين ، في الأولى سبعا سوى تكبيرة الإحرام ، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام وهذا أصح إسنادا وأوثق رجالا ، وأثبت لفظا ؛ لأنه جاء بقوله سمعت ، وروى الزهري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا ، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : التكبير في الأولى في الفطر سبعا وفي الآخرة خمسا كلتاهما قبل القراءة وهذا نص قد روي قولا ، وروى نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا ، وروى أبو سعيد الخدري ، وأنس ، وأبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله فكان ما رويناه أولى من وجهين :

[ ص: 491 ] أحدهما : زيادة تكبير .

والثاني : كثرة رواته .

التالي السابق


الخدمات العلمية