الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما الإسلام فيعلم بأربعة أوجه :

أحدها : أن يعلم إسلام أحد أبويه أو كليهما قبل بلوغه فيحكم بإسلامه .

والثاني : أن يتلفظ بالشهادتين فيحكم بإسلامه .

والثالث : أن يرى مصليا في مساجدنا على قديم الوقت وحديثه فيحكم بإسلامه بظاهر الحال لا بالصلاة لأننا لا نحكم بإسلام الكافر إذا صلى .

والرابع : أن يقول إنني مسلم فيحكم بإسلامه . وهل يحتاج إلى اختباره بالشهادتين مع الجهل بحاله أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يختبر بهما لأنه أحوط .

والثاني : لا يلزم اختباره بعد إقراره لجريان أحكام الإسلام عليه إن أنكر فإن علم [ ص: 158 ] الحاكم إسلامه من أحد هذه الوجوه حكم به . وإن جهله وقامت البينة بإسلامه حكم به . ولم يسأل الشهود عن سبب إسلامه .

فأما إذا شوهد في دار الإسلام على قديم الوقت وحديثه ، حكم بإسلامه في الظاهر . ما لم يعلم كفره ، لأن ميتا لو وجد في دار الإسلام ، مجهول الحال ، وجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين اعتبارا بظاهر الدار .

وهل يكون الحكم بإسلامه في الظاهر موجبا للحكم بإسلامه في الباطن ؟ على وجهين :

أحدهما : يحكم بإسلامه في الباطن تبعا ، فيرث ويورث من غير استكشاف عن إسلامه اكتفاء بظاهره .

والوجه الثاني : لا يحكم بإسلامه في الباطن وإن حكم به في الظاهر لأنه لو أقر بالكفر قبل منه وأجري عليه حكمه ، ولو حكم بإسلامه في الباطن لم يقبل إقراره بالكفر . وأجري عليه حكم الردة ، وهذا أظهر الوجهين .

وإن حكم بإسلامه في الظاهر والباطن ، لم يسأل عن إسلامه إن شهد وسئل عن عدالته . وإن حكم به في الظاهر دون الباطن ، سئل عن إسلامه ثم عن عدالته . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية