الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
شهادة الصديق لصديقه :

فصل : وتقبل شهادة الصديق لصديقه ، وإن كان ملاطفا ، والملاطف : المهادي ، وبه قال أبو حنيفة وأكثر الفقهاء .

[ ص: 163 ] وقال مالك : لا تقبل شهادة الصديق الملاطف لصديقه ، وتقبل شهادة غير الملاطف ، لتوجه التهمة إليه بأن يشهد له بمال يصير إليه بالملاطفة بعضه ؛ فصار جارا بها نفعا .

ودليلنا : هو أن المودة مأمور بها ، والهدية مندوب إليها . فلم يجز أن يكون ورود الشرع بها موجبا لرد الشهادة ، وبهذا المعنى فارق العدو لورود الشرع بالنهي عن العداوة .

ولأن ذوي الأنساب من الإخوة والأعمام قد يجوز أن ينتقل إليهم بالميراث ، فأشهدوا به وسائر أمواله ، ثم لا يمنع ذلك من قبول الشهادة . والصديق الملاطف لا يستحق الميراث ، فكان أولى أن يكون مقبول الشهادة .

ولا وجه لما ذكر من جواز عوده إلى الصديق بالهدية ، لأنه قد يجوز أن يهاديه أو لا يهاديه ، ويجوز أن يموت قبل مهاداته ويجوز إذا هاداه أن يعدل إلى غيره من أمواله فلم يكن لتعليل المنع بهذا وجه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية