الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
القول في شهادة المخالف .

فصل : وأما المخالف ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يخالف في العمل .

والثاني : في المعتقد .

فأما المخالف في العمل ، فهو أن يعتقد ما لا يعمل به ، فإن كان في مباح ، فهو على عدالته ، وإن كان في واجب ، فسق به وخرج عن عدالته ، لأنه تعمد المعصية بترك ما اعتقد وجوبه ، ويكون كالعمل بما اعتقد تحريمه .

[ ص: 170 ] وأما المخالف في المعتقد ، فمختلف الحكم بخلافه فيما انعقد عليه الدين ، والدين منعقد على فروع وأصول .

فالأصول ، ما اختص بالتوحيد والنبوة ، والفروع ما اختص بالتكليف والتعبد ، وللأصول فروع ، وللفروع أصول .

فأما أصول الأصول ، فما اختص بإثبات التوحيد وإثبات النبوة . وفروعه ما اختص بالصفات وأعلام النبوة .

وأصول الفروع ما علم قطعا من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفروعه ما عرف بغير مقطوع ، فأما المخالف في أصول التوحيد والنبوة ، فمقطوع بكفره ، ويخرج من انطلاق اسم الإسلام عليه ، وإن تظاهر به ، فلا تثبت له عدالة ، ولا تصح له ولاية ، ولا تقبل له شهادة .

وأما المخالف في فروع الأصول من الصفات وأعلام النبوة ، فإن رده خبر مقطوع بصدقه من قرآن أو سنة وأثر ، كان مخالفه كافرا ، لا تثبت له عدالة ، ولا تصح له ولاية ، ولا تقبل له شهادة ، كذلك ما ردته العقول ، واستحال جوازه فيها ، وما لم يرده خبر مقطوع بصدقه ، ولا عقل يستحيل به - نظر ، فإن اتفق أهل الحق على تكفيره به ، سقطت عدالته ، ولم تصح ولايته ، ولم تقبل شهادته ، وإن اختلف أهل الحق في تكفيره به ، فهو على العدالة وصحة الولاية وقبول الشهادة .

فهذا أصل مقرر في الأصول ، يغني عن ضرب مثل وتعيين مذهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية