الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الفصل الثاني في اللعب بالحمام : فمذهب مالك ترد به الشهادة من غير تفصيل .

وعلى مذهب الشافعي ينقسم على ثلاثة أضرب :

أحدها : ما ترد به شهادته ، وهو ما يخرج به إلى السفاهة ، إما بالبذلة في أفعاله ، وإما بالخنا في كلامه ، والسفاهة خروج عن العدالة ، ترد بها الشهادة ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسعى بحمامة ، فقال : " شيطان يتبع شيطانة " .

والضرب الثاني : ما لا ترد به الشهادة ، وهو ما كان به محفوظ المروءة لاتخاذها إما للاستفراخ ، وإما لحمل الكتب إلى البلاد ، وإما للأنسة بأصواتها ، فيكون على عدالته وقبول شهادته .

وروى عبادة بن الصامت أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحدة ، فقال : " اتخذ زوجا من حمام " .

ولأنها تسمد كما تسمد المواشي .

والضرب الثالث : ما اختلف في رد الشهادة به .

وهو أن يتخذه للمسابقة به ، وفيه وجهان ، بناء على ما قدمناه من اختلاف الوجهين في قوله : لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل .

فإن جعل في أحد الوجهين أصلا ، قيس عليه إباحة السبق بالحمام ، فلم يخرج به من العدالة ولم ترد به الشهادة .

وإن جعل في الوجه الثاني ، استثناء من جملة محظور لم يقس عليه السبق بالحمام ، فخرج به من العدالة وردت به الشهادة .

فإن اقترن به بعوض كان حراما ، وإن تجرد عن العوض كان سفها .

وأما قول الشافعي : واللاعب بالشطرنج والحمام أخف حالا .

[ ص: 182 ] ولم يذكر ما صار به أخف حالا منه . فقد ذكره الشافعي في الأم ، وحذفه المزني اختصارا . فقال : أخف حالا من الاختلاف في فروع الدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية