الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
القول في الملاهي

فصل : وأما الملاهي فعلى ثلاثة أضرب : حرام ، ومكروه ، وحلال .

فأما الحرام : فالعود ، والطنبور ، والمعزفة ، والطبل ، والمزمار ، وما ألهى بصوت مطرب إذا انفرد .

وروى عبد الله بن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله حرم على أمتي الخمر ، والميسر ، والمزر ، والكوبة ، والمزامير ، والقنين " .

فالميسر : القمار ، والمزر : نبيذ الذرة ، والكوبة : الطبل ، والقنين : البربط ، ولأنها تلهي عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة كالشراب .

[ ص: 192 ] وكان بعض أصحابنا يخص العود من بينها ولا يحرمه ، لأنه موضوع على حركات نفسانية تنفي الهم ، وتقوي الهمة وتزيد في النشاط .

وهذا لا وجه له ، لأنه أكثر الملاهي طربا ، وأشغلها عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة ، وإن تميز به الأماثل عن الأراذل .

وأما المكروه : فما زاد به الغناء طربا ، ولم يكن بانفراده مطربا ، كالفسح ، والقضيب ، فيكره مع الغناء لزيادة إطرابه ، ولا يكره إذا انفرد لعدم إطرابه .

وأما المباح : فما خرج عن آلة الإطراب ، إما إلى إنذار كالبوق ، وطبل الحرب .

أو لمجمع وإعلان كالدف في النكاح ، كما قال صلوات الله عليه وسلامه : " أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف " .

واختلف أصحابنا هل ضرب الدف على النكاح عام في كل البلدان والأزمان ؟ فعم بعضهم لإطلاقه ، وخص بعضهم في البلدان التي لا يتناكر أهلها في المناكح ، كالقرى والبوادي ، ويكره في غيرها ، في مثل زماننا ، لأنه قد عدل به إلى السخف والسفاهة .

فأما الشبابة : فهي في الأمصار مكروهة ، لأنها مستعملة فيها للسخف والسفاهة ، وهي في الأسفار والرعاة مباحة ، لأنها تحث على السير وتجمع البهائم إذا سرحت .

التالي السابق


الخدمات العلمية