الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ القول في البغض ] .

فصل : وأما الفصل الثالث : في البغض : فهو على ثلاثة أضرب : مستحب ، ومباح ومكروه .

فأما المستحب : فهو بغضه لأهل المعاصي ، فيكون بغضه لهم طاعة يؤجر عليها لاختصاصه بحق الله تعالى .

وأما المباح : فهو بغضه لمن لوى حقه وتظاهر بعداوته ، فيكون السبب الباعث عليه من أمور الدنيا مباحا ، ولا يؤجر عليه ولا يؤثم به ، وهو فيه على عدالته وقبول شهادته ، ما لم يتجاوز البغض إلى غيره .

وأما المكروه : فهو بغضه لمن خالفه في نسب ، أو علم ، أو صناعة ، فيكون البغض لهذا السبب مكروها لما فيه من التقاطع .

[ ص: 202 ] فإن ألب عليه وتعصب فيه كان جرحا ترد به الشهادة ، وإن لم يتجاوز البغض إلى ما سواه كان على عدالته وقبول شهادته ، لأنه قد حمى نفسه من نتائج البغض .

فأما إن كان بغضه لغير سبب ، فإن كان خاصا في واحد بعينه ، لم ترد به شهادته ، لأنه لا يملك قلبه ، وإن كان عاما لكل أحد ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه " فيكون ذلك جرحا فيه ، فترد به شهادته لخروجه عن المأمور به من الألفة ، إلى المنهي عنه من التقاطع .

التالي السابق


الخدمات العلمية