الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت وجوب الغرم على الشهود إذا رجعوا في الطلاق ، فهو على ضربين :

أحدهما : أن يكون الطلاق ثلاثا .

والثاني : دون الثلاث .

فإن كان ما شهدوا به من الطلاق فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون بعد الدخول : فعليهم ضمان جميع المهر يقسط بينهم على أعدادهم ، فإن شهد به اثنان ، كان على كل واحد منهما نصفه ، وإن شهد به ثلاثة ، كان على كل واحد منهم ثلثه .

والضرب الثاني : أن تكون شهادتهم بالطلاق قبل الدخول ، فقد اختلفت الرواية عن الشافعي في قدر ما يلزم الشهود :

فروى عنه المزني أن عليهم ضمان جميع المهر .

وروى عنه الربيع أن عليهم ضمان نصفه ، واختاره المزني .

فاختلف أصحابنا في اختلاف ما نقلاه ، فخرجه أكثرهم على قولين :

أحدهما : عليهم نصف المهر ، وهو مذهب أبي حنيفة لأمرين :

أحدهما : لأنه قدر ما التزم .

[ ص: 264 ] والثاني : أنه قد رجع على الزوجة بنصفه ، فلو رجع على الشهود بجميعه لصار إليه مهر ونصف ، وهو لا يستحق أكثر من المهر ، فعلى هذا عليهم نصف مهر المثل ، لأنه قيمة المتلف .

وقال أبو حنيفة : نصف المهر المسمى اعتبارا بما غرم .

والقول الثاني : يلزمهم جميع مهر المثل لأمرين :

أحدهما : أنهم قد أحالوا بينه وبين ما ملكه من جميع البضع ، فوجب أن يرجع عليهم بجميع مهرها كما يرجع به لو دخل بها .

والثاني : أنه لما رجع بجميع المهر إذا استمتع بها ، كان أولى أن يرجع بجميعه إذا لم يستمتع بها

فعلى هذا ، إن كان الصداق قد ساقه إليها لم يرجع عليها بنصفه ، لأنه لا يدعيه .

وإن لم يسقه إليها لم يلزمه إلا نصفه ، وإن اعترف لها بجميعه لأجل منعه منها .

وامتنع بعض أصحابنا من تخريج الرجوع على قولين ، وحملوا ما رواه من أوجب جميع المهر على الزوج إذا ساق جميع المهر إليها ، لأنه خرج عن يده جميع المهر ، فرجع عليهم بجميع المهر .

وهذه الطريقة عندي أولى عندي من تخريج القولين ، لأن ما أمكن حمله على الاتفاق كان أولى من حمله على الاختلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية