الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ولو كان العبيد الأربعة على حالهم ، وعليه مائة درهم دينا فأقرع بينهم للدين ، وبيع فيه أحدهم ، ثم أقرع بين الثلاثة الباقين للعتق ، وأعتق أحدهم ، ورق للورثة اثنان منهم ثم ظهر عليه مائة درهم ثانية دينا ، كان على الوجهين المتقدمين :

[ ص: 49 ] أحدهما : وهو مذهب الشافعي يباع في الدين أحد العبدين المسترقين ، ويسترق من العبد المعتق ثلثه ، فيصير للورثة عبد وثلث ، وينفذ بالعتق ثلثا عبد .

والوجه الثاني : تبطل قرعة العتق ، ويستأنف القرعة بين الثلاثة للدين ، فإذا قرع فيه أحدهم بيع للدين سواء كان محكوما بعتقه أو برقه ، ثم استؤنفت قرعة العتق ، فأعتق بها ثلثا أحدهما ، ورق للورثة ثلثه ، وجميع الآخر ، وعلى هذا لو ظهرت عليه مائة ثالثة دينا بعد ما بيع في المائة الثانية ، فعلى الوجه الأول الذي هو المذهب لا تنقض قرعة العتق ، ويباع مما استرقه للورثة عبد بمائة درهم ، ويبقى معهم ثلث عبد ، فيسترقون من ثلثي من عتق ثلثه ، ليصير لهم ثلثا عبد ، وللعتق ثلث عبد .

وعلى الوجه الثاني : تنقض قرعة العتق ، ويعود العبدان الآخران إلى حكم الرق ، فيباع في الدين أحدهما بالقرعة ، ويبقى الآخر ، فيعتق ثلثه ، ويرق ثلثاه .

ولو ظهرت بعدها مائة رابعة دينا بيع فيه من أعتق ومن رق على الوجهين معا لاستيعاب الدين جميع التركة ، فلو كانت التركة عبدا قيمته مائة درهم أعتقه في مرضه ، ومات فحكم بعتق ثلثه ، ورق ثلثيه لورثته ، ثم ظهر عليه دين قدره مائة درهم يستوعب جميع تركته ، فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه أنه ينقض ما حكم به من عتق ثلثه ، ويباع جميعه في دينه ، ووهم بعض أصحابه ، فأعتق تسعه ، وأرق في الدين ثمانية أتساعه ، وجعل وجه ذلك أن مال العتق سهم ، وللدين سهمان ثم سهم العتق مقسوم بين العتق والورثة على ثلاثة ، فيصح من تسعة ستة منها ، وهي الثلثان للدين وثلثه بين العتق والورثة أثلاثا ، للعتق سهم وهو التسع ، فيعتق تسعه ، ويبقى للورثة سهمان ترد على أصحاب الدين ، ولا وجه لهذا القول لأن عتق المرض وصية في الثلث ، ولا وصية إلا بعد قضاء الدين كما لا ميراث إلا بعد قضائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية