الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن كان المحبل موسرا لزم تقويم الباقي عليه ، وسرى حكم الإيلاد إليه ، وهل يقوم عليه في الحال أو يكون تقويمه موقوفا على عجزها ، على قولين :

أحدهما : أن تقوم في الحال تغليبا للإيلاد على الكتاب للزوم حكمها .

والقول الثاني : يكون تقويمه موقوفا على العجز تغليبا لحكم الكتابة على الإيلاد لتقدمه ، فإن قلنا بتقويمها في الحال قبلت كتابتها في حصة الشريك بزوال ملكه بالتقويم وكانت الكتابة في حصة المحبل باقية ، لأنه لا يتنافى اجتماع الكتابة والإيلاد ، فعلى هذا إن أدت كتابتها في حصة المحبل وسرى العتق إلى جميعها كما لو باشر عتق بعضها ، وإن عجزت بطلت كتابتها وصار جميعها أم ولد .

فأما الولد على هذا قد كان نصفه حرا بالملك ، وصار باقيه حرا بالسراية ، وهل تلزمه قيمته للشرك أم لا ؟ معتبر بحال وضعه ، وهو لا يخلو من أحد أمرين : إما أن تضعه قبل دفع القيمة أو بعده .

فإن وضعته بعد أن دفع إلى الشريك قيمة حصته منها فليس عليه قيمة الولد .

[ ص: 220 ] لأنها وضعته بعد استقرارها على ملكه ، وإن وضعته قبل دفع القيمة فعلى قولين ، مبنيين على اختلاف القولين ، فيما تصير به حصة الشريك أم ولد :

فأحد القولين : أنها تصير أم ولد في جميعها بالإحبال ، فعلى هذا لا تلزمه قيمة حصة الشريك في الولد ، لأنها وضعته بعد أن صارت أم ولد له .

والقول الثاني : أن باقيها لا يصير أم ولد إلا بالإيلاد ودفع القيمة ، فعلى هذا تلزمه قيمة حصة الشريك من الولد ، لثبوت رقه عليه ، وإن قلنا : إن تقويمها موقوف على عجزها عن الكتابة لم يخل حالها من أحد أمرين :

إما أن تؤدي ، أو تعجز .

فإن أدت كتابتها إليهما عتق جميعها بالكتابة ، وبطل حكم الإيلاد ، فأما ولدها فلا يوقف ، وتقوم حصة الشريك فيه على الأب ، ويتحرر عتق جميعه ، وإن عجزت الأم عن الكتابة انفسخت الكتابة في حق الشريك الذي لم يحبل ، ولم يجز أن يقيم عليها لما تعلق بها من حق المحبل في تقويمها عليه ، فتقوم عليه حصة شريكه ، وتصير جميعها أم ولد له ، ثم لها وللمحبل حالتان :

إحداهما : أن يتفقا على الإنظار بالكتابة في حقه ، فيجوز ذلك لهما إذا تراضيا به ، لأنه لا يتعلق بالكتابة حق لغيرها ، بخلاف الشريك الذي لم يحبل ، أو تكون الكتابة باقية في نصفها وهو حق المحبل ، وباطلة في النصف الباقي ، وهو حق الذي لم يحبل ، فإن أدت عتق نصفها بالكتابة وباقيها بالسراية ، وإن عجزت فسخت الكتابة ، وكان جميعها أم ولد .

والحال الثانية : أن لا يتفقا على الإنظار بل يختلفا فيه ، فالكتابة تنفسخ بينهما ، لأن المكاتبة لا يلزمها المقام على العقد ، والسيد لا يلزمه الإنظار بالمال ، فأيهما دعا إلى الفسخ بعد العجز انفسخت به الكتابة ، وإذا انفسخت استقر بعد فسخها حكم الولادة ، وصار جميعها أم ولد يعتق بموت السيد .

فأما الولد فيلتزم الأب قيمة نصفه لشريكه ، ويتحرر عتق جميعه على ما ذكرنا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية