الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو جاءت بولد لأكثر من ستة أشهر من وطء الآخر منهما كلاهما يدعيه أو أحدهما ولا تدعي استبراء فهي أم ولد أحدهما ، فإن عجزت أخذ بنفقتها وأري القافة ، فبأيهما ألحقوه لحق ، فإن ألحقوه بهما لم يكن ابن واحد [ ص: 224 ] منهما حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما وتنقطع عنه أبوة الآخر ، وعليه للذي انقطعت أبوته نصف قيمتها إن كان موسرا وكانت أم ولد له ، وإن كان معسرا فنصفها لشريكه بحاله ، والصداقان ساقطان عنهما " .

قال الماوردي : وهذه المسألة هي القسم الرابع من الأقسام الماضية ، وهو أن يمكن لحوق الولد بكل واحد منهما ، وذلك بأن تضعه لأقل من أربع سنين من وطء الأول ، ولستة أشهر فصاعدا من وطء الثاني ، وليس فيها من يدعي الاستبراء فيحتمل أن يلحق بالأول ، لأنها وضعته لأقل من أكثر الحمل ، ويحتمل أن يلحق بالثاني ، لأنها وضعته لأكثر من أقل الحمل ، وإذا احتمل الأمرين عرض الولد على القافة ليلحقوه بأحدهما ، فإن ألحقوه بالأول كان الحكم فيه على ما مضى في القسم الثاني ، وإن ألحقوه بالثاني كان الحكم فيه على ما مضى في القسم الثالث ، وإن أشكل على القافة وقف الولد على الانتساب إلى أحدها ، وفي زمان انتسابه قولان :

أحدهما : إذا استكمل سبع سنين في الحال التي يخير فيها بين أبويه ، لأنه ينقاد بطبعه .

والقول الثاني : البلوغ لأنه لا حكم لقوله قبل بلوغه ، فإذا انتهى إلى زمان الانتساب قيل له : انتسب إلى أحدهما بطبعك المائل إليه ، فإن الأنساب تتعاطف .

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الرحم إذا تماست تعاطفت ) فإذا انتسب إلى أحدهما لحق به ، وانقطعت عنه أبوة الآخر ، ويكون حكم من لحق به ، وانتفى عنه على ما قدمناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية