الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وبيع نجومه مفسوخ " .

قال الماوردي : بيع نجوم المكاتب لا يصح سواء حلت أو كانت إلى أجلها ، وجوزه مالك وذكره الشافعي في القديم ، فجعله بعض أصحابنا قولا له ، وجعله بعضهم حكاية عن مالك ، احتجاجا بأن بيع بريرة كان معقودا على نجومها ، ولأنه عقد البيع على ملك فصح كما لو عقده على عبده .

والدليل على فساد بيعه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر ، وهذا غرر ، لتردده بين الأداء والعجز ، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الدين بالدين ، ولأن مال الكتابة غير لازم ، فلم يجز أن [ ص: 245 ] يعقد عليه بيع لازم لتنافيها ، ولأن مالكا يقول : إن وصل المشتري إلى نجوم الكتابة عتق ، وكان ولاؤه للبائع ، وإن عجز عن الكتابة ملك رقبة المكاتب ، وهذا يوجب فساد ابتياعه من خمسة أوجه :

أحدها : أن درك ما فات قبضه مستحق على البائع ، وقد عدل به إلى جهة المكاتب .

والثاني : أن الدرك استرجاع الثمن ، وقد عدل به إلى رقبة المكاتب .

والثالث : أنه جعل ولاءه لغير معتقه .

والرابع : أنه عدل بعتقه عن الصفة المعقودة في قول البائع : إذا أديت إلي آخرها فأنت حر ، إلى صفة غير معقودة في أنه إذا أدى إلى المشتري صار حرا .

والخامس : أنه جعله عقدا على مجهول ، لتردده بين ملك المال أو السرقة ، فأما بيع بريرة فإنما عقد على رقبتها بعد العجز ، لأنها أتت عائشة رضي الله عنها تستعين بها في مال كتابتها ، والبيع ليس بمعقود على ملك كما ذكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية