الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وسواء كانت الجنايات متفرقة أو معا وبعضها قبل التعجيز وبعده يتحاصون في ثمنه معا ، وإن أبرأه بعضهم كان ثمنه للباقين منهم " .

قال الماوردي : - وقد ذكرنا أن المكاتب لا يجوز أن يعجز إلا بمال الكتابة وأرش الجناية ، فإذا عجز بهما أو بأحدهما لم يجز أن يباع في مال الكتابة ، لأمرين :

أحدهما : أنه غير مستقر .

والثاني : أنه ملك للسيد ، فلم يجز أن يباع عليه في حقه ، فأما بيعه في أروش جناياته فمستحق إلا أن يفديه السيد منها ، فإن فداه منع من بيعه ، وفيما يفديه به قولان :

أحدهما : بأقل من قيمته أو أروش جناياته .

والقول الثاني : يفديه بأروش جناياته كلها ، وإن كانت أضعاف قيمته ، وإن لم يفده بيع جبرا عليه ، وكان ثمنه مصروفا في أروش الجنايات سواء كانت مجتمعة أو متفرقة يشترك فيه من تقدمت جنايته وتأخرت ، فلو جنى قبل الكتابة ثم جنى في حال الكتابة ثم جنى بعد التعجيز اشترك أرباب الجنايات الثلاث في ثمنه ، لتعلق جميعها برقبته يتحاصون فيه بقدر أروشهم ، فلو عفا أحدهم عن حقه وأبرأه من أرشه رجع حقه على الباقين ، ولم يرد على السيد لأنه لو انفرد أحدهم لاستوعب بالجناية جميع ثمنه ، وجرى مجرى أهل الوصايا إذا ضاق الثلث عنهم وعفا أحدهم توفر سهمه على الباقين منهم ، وكغرماء المفلس إذا أبرأه أحدهم .

[ ص: 272 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية