الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 288 ] الوصية للعبد أن يكاتب

مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو أوصى أن يكاتب عبد له لا يخرج من الثلث حاص أهل الوصايا وكوتب على كتابة مثله ، ولو لم تكن وصايا ولا مال له غيره قيل : إن شئت كاتبنا ثلثك وولاء ثلثك لسيدك والثلثان رقيق لورثته ( قال المزني ) رحمه الله : هذا خلاف أصل قوله مثل الذي قبله " .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا وصى بكتابة عبده كانت قيمته معتبرة من ثلثه ، لأن الكتابة كالعطايا والهبات من وجه ، وكالعتق من وجه ، يعود الولاء فيه إلى السيد ، وكل واحد من العطايا والعتق معتبر من الثلث ، فكذلك الكتابة ، وإذا كان كذلك لم يخل أن تخرج قيمة العبد من الثلث أو لا تخرج ، فإن خرجت قيمته من الثلث كوتب جميعه إن شاء ، لأن الكتابة لا تتم إلا باختياره ، فإن لم يرد الكتابة بطلت الوصية بكتابته ، فإن عاد فطلبها بعد الرق لم يستحقها إلا أن يستأنف الورثة كتابته في حقوق أنفسهم ، وإن أراد الكتابة في الابتداء أجيب إليها ، ورجع في القدر الذي يكاتب به إلى الوصية ، فإن سماه السيد ، وذكر القدر الذي يكاتب به لم يزد عليه سواء كان قليلا أو كثيرا ، لأن الوارث لا يلحقه فيه ضرر ، إذا كانت قيمته محتسبة على الميت في ثلثه ، وإن لم يذكر قدرا كوتب كتابة مثله ، كما لو وصى ببيعه على رجل بيع بثمن مثله ، وكتابة المثل أن تكون على أكثر من قيمته كالبيع بالنساء يكون بأكثر من ثمنه نقدا ، فإذا صحت كتابته ، وانعقدت على ما وصفنا أدى مالها إلى الورثة ، وكان ذلك كسبا لهم لا يضم إلى تركة الموصي ، لأنه نماء مال حدث بعد الوفاة ، فجرى مجرى ما حدث من نماء النخل ، ونتاج الماشية ، فإن أدى هذا المكاتب مال كتابته عتق ، وكان ولاؤه للموصي ، ينتقل بموته إلى الذكور من عصبته ، وإن عجز كان ورثته بالخيار بين إنظاره ، وبين تعجيزه واسترجاعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية